هل ستنجح السعودية في توحيد مكونات الشرعية وتفعيل مؤسساتها..؟!
يمنات – خاص
يواصل مجلس القيادة الرئاسي اجتماعاته في العاصمة السعودية، الرياض، لمناقشة العديد من القضايا الملحة.
لقاءات الرياض
وجاءت الاجتماعات المتواصلة للمجلس، بعد لقاءات ضمت كبار المسؤولين في المؤسسات الحكومية والبرلمانية وشخصيات اجتماعية وحزبية مع مسؤولين سعوديين.
معركة فاصلة
وكانت وسائل اعلام وناشطين على السوشيال ميديا قد وصفوا لقاءات الرياض بانها تهدف للتحضير لعملية عسكرية ضد الحوثيين، غير ان نقاشات مجلس القيادة التي تحدثت عنها وكالة سبأ الرسمية تشير الى ان لقاءات الرياض تناولت عدد من القضايا المرتبطة بتفعيل المؤسسات الرسمية، في ظل ازمة مالية خانقة تعيشها الحكومة المعترف بها دوليا، وانهيار الخدمات المجتمعية في المناطق التي تديرها الحكومة.
تأمين الخدمات
وقالت وكالة سبأ ان مجلس القيادة الرئاسي، ناقش الثلاثاء 24 ديسمبر/كانون اول 2024 بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور احمد عوض بن مبارك، الجهود الحكومية المبذولة لتأمين الخدمات.
الاداء الاقتصادي والمؤسسي
وبينت الوكالة ان المجلس استمع من رئيس الوزراء الى تقرير حول مؤشرات الاداء الاقتصادي، والمؤسسي خلال الفترة الماضية، ومسار الاصلاحات الشاملة، والاجراءات والقرارات المطلوبة لتقوية وتعزيز دور ومكانة الحكومة في مواجهة التحديات الماثلة، وتحسين ادائها على المستويين المركزي، والمحلي.
تعاطي عاجل
ولفتت الى ان مجلس القيادة الرئاسي شدد على استكمال عودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، والتعاطي العاجل مع الوضع الاقتصادي والخدمي، وتعزيز جهود مكافحة الفساد، وتحسين الايرادات العامة، وتقليص النفقات، والعمل بتوصيات الهيئات المساندة للمجلس، والشركاء الاقليميين والدوليين.
مضاعفة الجهود
واشارت الى ان المجلس حث الحكومة على مضاعفة جهودها في تيسير تدخلات مجتمع العمل الانساني، وتسهيل انتقال موظفي الاغاثة، وتمكينهم من الوصول الى المجتمعات المحلية مع التشديد على تسريع اعادة تشكيل الهيئة العليا للاغاثة، فضلاً عن انشاء هيئة وطنية لرعاية الجرحى واسر الشهداء.
مكافحة الفساد
ونوهت الى تجديد المجلس تأكيده على ضرورة استكمال الاجراءات لتعزيز دور آليات مكافحة الفساد بما في ذلك اعادة هيكلة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتشكيل اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات، والهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات، وفقاً للوائح والقوانين النافذة.
الموقف العسكري
كما نوهت الى اطلاع مجلس القيادة الرئاسي على تقرير من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة حول الموقف العسكري، وجهوزية القوات في مختلف الجبهات.
تذمر
وجاءت لقاءات الرياض واجتماعات مجلس القيادة في وقت تسود فيه حالة من التذمر في اوساط المواطنين في المناطق التي تديرها الحكومة، وتنامي الاضرابات والاحتجاجات المناوئة للحكومة في عدد من المدن على خلفية عدم قدرة الحكومة على صرف مرتبات الثلاثة الماضية، وانهيار خدمات المياه والكهرباء والصحة العامة.
ازمة مالية خانقة
وتكشف نقاشات مجلس القيادة الرئاسي ان الحكومة المعترف بها دوليا باتت تواجه ازمة مالية خانقة افقدتها القدرة على وقف انهيار الخدمات وصرف المرتبات، في وقت تتصاعد فيه خلافات المكونات داخل الشرعية، وتوقف ايرادات النفط بفعل هجمات الحوثيين.
ورطة
وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لاقناع السعودية بتقديم وديعة مالية للخروج من الورطة التي وجدت نفسها فيها، تضع السعودية عدد من الاشتراطات لضخ جزء من الوديعة التي التزمت بها.
شروط سعودية
ومن تتبع القضايا التي ناقشها مجلس القيادة يتضح جانب من الاشتراطات السعودية، والتي من ابرزها الحد من الفساد التي ينخر المؤسسات، وتفعيل مختلف المؤسسات لممارسة مهامها من عدن، وليس من الخارج، ما يعني ان السعودية تضغط على مختلف المكونات لترك خلافاتها جانبا، وعدم اعاقة عودة المسؤولين إلى عدن لاداء المهام المناطة بهم.
فشل عقد جلسات البرلمان
وكان مجلس النواب قد فشل في عقد جلساته في عدن بداية ديسمبر/كانون اول الجاري، ما اضطر رئاسة المجلس الى مغادرة عدن صوب الرياض، بعد ايام من وصولهم من القاهرة.
رفض الانتقالي
ويرفض المجلس الانتقالي الجنوبي عقد جلسات لمجلس النواب في مدينة عدن، التي يسيطر عليها امنيا وعسكريا، وتشهد انهيار مريع للخدمات، وخالة من الامتعاض الشعبي جراء انهيار الخدمات، وعجز الحكومة عن صرف المرتبات.
الحد من الفساد
ومن تأكيد مجلس القيادة الرئاسي على هيكلة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتشكيل اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات، والهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات، يتضح ان السعودية تضغط على مكونات الشرعية بضرورة الحد من الفساد المستشري في مختلف المؤسسات، وان ذلك شرطا اساسيا لضخ اموال من الوديعة السعودية في البنك المركزي، ما يشير الى ان الرياض صارت مقتنعة ان الاموال التي ضختها التهمها الفساد.
محاولات
وسعت السعودية خلال الشهرين الماضيين لتفعيل الحكومة والبرلمان من عدن، والضغط على المكونات لعدم اعاقة هذا التوجه، لكن الضغوطات التي مورست فشلت في عقد جلسات مجلس النواب، وان كانت قد نجحت في اجبار الانتقالي على القبول بعقد الاجتماع التأسيسي لتكتل سياسي لمكونات الشرعية، الا انها لم تقنع الانتقالي المشاركة فيه، وهو ما مهد لافشال عقد جلسات البرلمان في عدن.
ورطة سعودية
الورطة التي يعيشها مجلس القيادة الرئاسي وحكومة ابن مبارك، هي في الاساس ورطة سعودية في اليمن، فلم تعد قادرة على اقناع المكونات المتحالفة معها في الترفع عن خلافاتها التي اصبحت معيقة لاداء المؤسسات، وحجرة عثرة امام السعودية التي تحاول الخروج من المستنقع اليمني، والتفرغ للتركيز على الجانب الاقتصادي.
جذور الخلافات
الورطة السعودية في اليمن ليست وليدة خلافات مكونات الشرعية، وانما يرجع كنهها الى خلافات بين السعودية والامارات، واجندات متباينة بين السعودية ولاعبين اقليميين اخرين، يعملون لافشالها عبر اذرع محلية فاعلة.
غير قابلة للتنفيذ
وتبدو بعض الشروط السعودية ان لم يكن جلها لانقاذ الحكومة من ورطتها غير قابلة للتنفيذ، لان المشكلة مرتبطة في اساسها بصراعات المكونات المحلية التي وصلت الى مرحلة اللاعودة، خاصة وان بعضها تشعر ان تناسي الماضي امر مفروغ منه، لتعرضها للاقصاء، والتهميش، فضلا عن طبيعة الخلافات القائمة بين السعودية والامارات، سواء كان ذلك في الملف اليمني او ملفات اقليمية اخرى، وتباين الاجندة السعودية مع اجندات لفاعلين في الاقليم، فضلا عن حجم الفساد المهول الذي يعتري مؤسسات الشرعية، والذي وصل الى مرحلة يحتاج للاجتثاث وليس الاصلاح.
حرب اعلامية
وعليه فإن ما يتم تداوله عن توجه لمعركة فاصلة مع الحوثيين، ليس اكثر من حرب اعلامية، لان خلافات المكونات التي تملك اذرع عسكرية يصعب مسألة ان تخوض معركة تحت قيادة واحدة، وحتى ان تم الضغط على الاطراف لخوض المعركة تحت قيادة مشتركة فإنها لن تكون الا معركة لتصفية الضغائن التي راكمتها سنوات الحرب.
مرحلة مؤقتة
وتبدو مسألة اصلاح مؤسسات الشرعية امرا مفروغ منه، وان نجحت الضغوط السعودية في اجبار المكونات لتفعيل المؤسسات من عدن تحت ضغط الحاجة، وتفادي الانهيار، فلن تكون سوى مرحلة مؤقتة، سرعان ما ستنهار تحت تراكمات خلافات ولدتها سنوات من الخلافات العميقة، لان المكونات التي اجبرتها السنوات الاولى من الحرب على التوحد في معسكر واحد لمواجهة الحوثيين، وجدت نفسها بعد ارتخاء الحرب تتصارع فيما بينها، بسبب تباين الاهداف التي تسعى لتحقيقها، فضلا عن ارتباطاتها باطراف اقليمية متباينة الاجندات، اضافة الى الخلافات المزمنة التي ولدتها عقود من الصراع الذي انفجر على شكل دورات عنف في سنوات مختلفة، واخرها ما حصل في احداث العام 2011، وما تلاها من صراعات وصولا الى الحرب الشاملة في العام 2015.
صورة مصغرة
وفي المحصلة فإن الصراع القائم بين مكونات الشرعية اليوم هو صورة مصغرة لطبيعة الصراع الذي تشهده المنطقة من ناحية، ومن ناحية اخرى يعد محصلة نهائية لعقود من الصراعات التاريخية في اليمن، والذي يعد الاستبداد والفساد اهم اركانه التي اوصلت البلد الى مرحلة التشظي.
صراعات تاريخية
وبالتالي فإن مسألة تجاوز الصراعات التاريخية بين مختلف المكونات يبدو امرا فيه الكثير من الصعوبة ان لم يكن مستحيلا، خاصة في ظل الصراعات الجيوسياسية في المنطقة بشكل خاص، والعالم بشكل عام، والذي يشي بتغيرات موازين القوى الدولية والاقليمية، والذي لن تكون اليمن بعيدة عنه، لاعتبارات تتعلق بالموقع الجغرافي، وما يرتبط به من لصراع اقتصادي على الموارد بين القوى الدولية الكبرى.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا